التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هكذا يجب أن نكون .. صادقين .. هذه البداية


من الصفات المقدسة فى طبيعة العلاقات بين الخلائق هو الصدق، فوجود الصدق يقوى الترابط والألفة والراحة بين القلوب ويعزز الإيمان، وكلما ابتعد المرء عن الصدق اهترئت العلاقة وذبلت كل المعانى الجامعة التى تربطه بأى شىء صحيح، وضاعت كل الصور النقية فى مستنقعات الشيطان، وسبحان الله فإن الصدق من الصفات الحميدة التى تجدها بدايات لكل خير وسلامة، ولا سلامة أفضل من سلامة الروح والنفس من السوء .
إن الصدق علامة الهدى و الإيمان وإلزامُ للتقوى فيقول الله تعالى فى كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}[ التوبة 119] فقد أمر الله للمؤمنين الذين آمنوا به وبرسوله حق الإيمان بأن يتقوا ويصدقوا فيكونوا من الصادقين وهذا هو شرط الإيمان، أن تتقى الله وتصدق القول والفعل.
 ويقول روسولنا الحبيب المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) : "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا".
وها هو نبينا الصادق الآمين يرشدنا إلى طريق الهداية والبر، و إلى الطريق المُبتغى وهو الجنة، فما أحوجنا إلى هذه الصفة حتى نتصف بها عند الله فنكون من الصديقين.
 
بداية الصدق ومنتهاه هو لله، فــ صِدق الله لا صِدق بعده، وقوله - تعالى - صدق و حق،  ولن يكون هناك من هو أصدق منه - سبحانه -.
فيقول تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا}[  النساء 122]، فلا أحد أصدق منه قولاً، وأصدق الحديث كتاب الله -تعالى-. وقال تعالى: {هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله} [  الأحزاب 22].
ثم يأتى بعد ذلك هبة الله وحفظه للنبيين والمرسليين، فأثنى الله على كثير من أنبيائه بالصدق، فقال تعالى عن نبيه إبراهيم: {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقًا نبيًا}[ مريم 41]،وعن إسماعيل: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًا}[ مريم 54] .
وعن يوسف : {يوسف أيها الصديق}[ يوسف 46]، وعن إدريس قال - تعالى - أيضاً : {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقًا نبيًا} [ مريم 56].
وكان الصدق صفة لازمة للرسول صلى الله عليه وسلم، فكان قومه ينادونه بالصادق الأمين، ولقد قالت له السيدة خديجة -رضي الله عنها- عند نزول الوحي عليه: إنك لَتَصْدُقُ الحديث..
فالصدق خير نعمة وخير هبه، يحمى الله بها عباده من الآثام والضلال. وللصدق درجات، بدءاً بأن يكون الإنسان صادقًا مع الله وصادقًا مع نفسه ومن ثم صادقًا مع الناس.
فالصدق مع الله هو البداية ومن ثم يتبعه الإخلاص فى الأعمال كلها لله، فلا رياء أو تزييف سمعة أو تظاهر أو تحايل، وبالصدق مع الله يأتى الخلاص من كل مكروه و سيىء.
وما أن تصدق مع الله فإنك قد نجوت بنفسك، فالمؤمن الصادق لا يخدع نفسه، يعرف ما له وما عليه، ميزته وعيبه، فيُبعث داخله الله الطمأنينه والرضا طوال الوقت ويدفعه للإجتهاد نحو النور والعلم والصلاح، ويبعده عن الغرور والكِبر، إذ يُحَدْث ويُراجع نفسه  دائماً بصدق، وهكذا يسلم من شر نفسه، قال صلى الله عليه وسلم: (دع ما يُرِيبُك إلى ما لا يُرِيبُك، فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة)[ الترمزي]
وينتهى الإنسان المؤمن بأنه لا يكذب فى الحديث مع الآخرين، فيأمن شرور كل شىء ويتحصن من كل شىء، لأن الكذب خيانة ومرض وذنب كبير.
 فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كَبُرَتْ خيانة أن تحدِّث أخاك حديثًا، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب(
وما يدل على أن الصدق صفة لها طابع قدسى يسمو بكل شىء فيرفعه عن الخبائث، ان الله اثنى على الصادقين بأنهم هم المتقون أصحاب الجنة، جزاء لهم على صدقهم، فقال تعالى: {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}[ البقرة 177]
وقال تعالى: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم }[ المائدة 119]
.
أن الصدق طمأنينة، ونجاة في الدنيا والآخرة، فقال صلى الله عليه وسلم: (تحروا الصدق وإن رأيتم أن فيه الهَلَكَة، فإن فيه النجاة) .
فسبحان الله الذى أمرنا بالصدق وأعاننا عليه لنكون من المؤمنين الصديقين.
 إن الصدق هو بداية الإيمان وشرطه، والمؤمن الحق لا يكذب أبدًا، فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: (نعم).قيل: أيكون المؤمن بخيلا؟ قال: (نعم).قيل: أيكون المؤمن كذابًا؟ قال: (لا) .
فالصدق هو البداية ومن ثم يأتى كل خير .. فعندما يصدق الإنسان مع الله فيُنثر الصدق ويتغلغل داخله فتجده صادق مع نفسه ومع الآخرين ومع كل خطوة يخطوها نحو النور والحق .... فلا يوجد مبرر بأن يدفع الإنسان إلى الكذب حتى لو أخطأ، مادام لا يخشى إلا الله، وفى الحقيقة ان الخشية من الله وحده.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)
فالكذب إدمان، فتجد هناك من تعود على ألا يذكر الحقيقة حتى فى أبسط الأمور، و يتلذذ بأنه أخفى شيئاً أو لم يصرح بحقيقة شىء ما .. لكنه الخاسر فى النهاية، فى الدنيا و الآخرة، فكتب على نفسه بأن يكون من المنافقين، يفضحهم الله بذنبهم وبما فعلوا، فهذا عقابهم، فسبحان الله الذى جعل للكذب ( آفه ) وهو النسيان، فمهما طال أمر الكذب كُشف فى النهاية وفُضح أمر الكاذب، غير ان الكاذب قلبه يخلو من الإيمان، تجد أقدامه دائماً مُهتزه لا أرض لها ويداه مُرتعشة لا قوة فيها، متردد وضعيفة خطواته و بائسة حياته، مفضوح فى كل كلمة كذب وزور ينطقها، فصدق  الإمام علي حينما قال فى هذا الأمر: ما أضمر أحد شيئًا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه 
.
فلنصدق فى القول والفعل حتى نجد ما تبقى من إنسانيتنا لنُبنى عليه حضارة قوية.




اللهم ألهمنا التقوى فى كل فعل وإجعلنا ممن ترضى عنهم فترضيهم. .
اللهم أنت أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.

أسماء فؤاد
15/8/2012

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التطوير العقاري

    مفهوم التطوير العقاري   التطوير العقاري هو عملية تحويل الأراضي الخام أو المباني القديمة إلى عقارات قابلة للاستخدام. ويشمل ذلك شراء الأراضي أو المباني والتخطيط والتصميم والبناء والتسويق وبيع أو تأجير العقارات .   ويلعب التطوير العقاري دورًا مهمًا في الاقتصاد، حيث يساهم في خلق فرص العمل وزيادة الاستثمارات وتحسين جودة الحياة .   ويمكن تصنيف التطوير العقاري إلى نوعين رئيسيين :   التطوير العقاري السكني: ويشمل بناء وبيع أو تأجير الشقق والفيلات والعمارات السكنية . التطوير العقاري التجاري: ويشمل بناء وبيع أو تأجير المكاتب والمحلات التجارية والمولات التجارية والفنادق والمراكز الترفيهية . وهناك أيضًا أنواع أخرى من التطوير العقاري، مثل التطوير العقاري الصناعي والتطوير العقاري الزراعي والتطوير العقاري السياحي .   وفيما يلي بعض مراحل التطوير العقاري :   دراسة السوق: في هذه المرحلة، يقوم المطور العقاري بإجراء بحث شامل عن السوق العقاري لتحديد أفضل موقع للمشروع ونوع العقار الذي يلبي الطلب في السوق . الحصول على التمويل: يحتاج المطور العقاري إلى تمويل المشروع، ويمكن أ

مراحل تطور الإدارة العامة (1)

الجزء الأول :  سوف نتطرق فى بحثنا هذا وفى هذا الجزء بالتحديد  إلى التعريف بفهموم الإدارة كجملة حتى يتسنى لنا إستخلاص تفصيل لمفهوم الإدارة العامة والبحث فى مراحل تطورها ,, أولاً : مفهوم الإدارة: تقتضى الحاجة العلمية لأي موضوع من الموضوعات العناية بتحديد مسميات الألفاظ والمفاهيم المستخدمة، وللإدارة معنيان: أحدهما لغوي ، والآخر فني (اصطلاحي). معنى الإدارة Administration في اللغة: تقديم الخدمة للغير ، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية minister tad المكونة من مقطعين ، أي تقديم العون للآخرين. كما تعني الترتيب والتنظيم الخاص الذي يحقق أهدافاً معينة، كما تعني الإدارة النظام أو الانتظام ، فالإدارة الناجحة سر نجاح الدول في كل مكان وزمان ، وما سادت الحضارات إلا بالإدارة فكرا وتطبيقا، وما بادت إلا بالفوضى، وهذا نقيض للإدارة لأن الإدارة تعني النظام أو الانتظام. معنى الإدارة في الاصطلاح (فني): تعريف الإدارة من الأمور التي ليس هناك إجماع على تحديدها، ويتضح ذلك من خلال استعراض عدد من التعريفات ، ذلك لأن الإدارة من العلوم الاجتماعية ، ولأن مفهومها واسع ، ولأنها ليست مجرد مصطلح ، وإنما هي علم ل

مراحل تطور الإدارة العامة (2)

الجزء الثانى :- ** نظرية  Z في الإدارة :  ( أو النظرية اليابانية في الإدارة الحديثة ) هي أفضل وأحدث النظريات المطبقة حالياً في كبرى الشركات العالمية والتي أثبتت مدى فائدتها للمنشئات والإدارات الحكومية وغيرها ، وأساس النظرية هو ، أن العلاقة بين الإدارة والعاملين يسودها : ( الألفة والمودة والثقة الكاملة ).  .     ولم تهمل النظرية الفروق الفردية بين العاملين  فبدلاً من تنميطهم قامت النظرية على خلق بيئة اندماجية متكاملة بين الإدارة والعاملين  ، فهي تقوم على بناء فرق عمل ذات اختصاص واحد وتحت إشراف مدير المجموعة وربما يكون أقل من حيث المرتبة والمنصب من شخص آخر يعمل ضمن نفس الفريق. هذا ما يسمى بالقائد ،  وهناك فرق كبير بين القائد والمدير . فالقائد هو الذي يقوم بقيادة فريق نحو تحقيق هدف محدد ، والمدير هو الذي يضع الاستراتيجيات ويبحث الأهداف ويديرها ويوزع المهام بين موظفيه.    وقد جاءت نظرية Z    موافقة لنتاج فكري ثقافي متراكم في اليابان ، ففي اليابان ، كان المعبود الأول لديهم وإلههم الأوحد هو الإمبراطور ، وكان الإمبراطور هو الآمر الناهي في الإمبراطورية اليابانية. وحين نشبت الحرب بين اليا